الأربعاء، 28 يناير 2009

الكابوس




( الكابوس )
الجمعة 2 / 1 / 2009
الساعه الثامنه صباحا
استيقظت في هذا اليوم علي صوت طرقات خفيفه علي باب الشقه
-أيوه.... صباح الخير يا ماما
- كلمي عمك كمال في التليفون
-ليه يا ماما في ايه؟
ـ مش عارفه.... كلميه
ـ ايوه يا عمي في ايه؟
ـ شريف مات يا رحاب
ـ شريف مين يا عمي؟
ـ شريف مات يا رحاب
-انت بتقول ايه انا لسه مكلماه بالليل مين اللي قالك؟
ـ د/عماد اتصل بيا دلوقتي.... انا جايلك حالا
ـ الو...د/عماد
ـ ايوه يا د/رحاب...... البقاء لله
ـ ايه اللي حصل؟؟
ـ كان بيشتغل في العمليات لغايه الساعه 2 صباحا و بعدين طلع يتوضأ ولما تأخر وجدناه قد توفي
وهنا انطلقت مني آهه كالعويل تحرق كل جزءمن كياني, راح حبيب عمري راح أغلي من في حياتي راحت معه كل أحلامي و ضحكاتي. لكني قلت لنفسي هذا غير صحيح سأذهب الي هناك و سوف أراه حيا ولكنه متوعك قليلا أو حتي كثيرا.... نعم سوف أراه

الساعه الثامنه والنصف صباحا

حضر عمي (والده) و أخذنا سياره خاصه وسافرنا وكانت هذه الساعات الثلاث أطول ساعات مرت بحياتي" لم أكن أعلم أن كل ساعاتي بعدها ستكون أطول" ولن أستطيع أن أكتب أوأ صف أو أحكي كل ما دار بخلدي خلال هذه الثلاث ساعات.....شريط طويل عمره ست سنوات من أول يوم رأيته فيه و حتي آخر مكالمه هاتفيه بيننا ست سنوات من السعاده تحولت الي ذكريات خلال سواد الليل فقط لتحيل بقيه حياتي الي سواد و الي الأبد.
الساعه الحاديه عشر والنصف
وصلنا الي مكانه , اصطحبنا أحد زملائه الي الثلاجه مشينا طريقا مدته 7 أو 8 دقائق و لكنه كان أطول طريق مشيته في حياتي و بأثقل خطوات عرفتها حتي وصلنا الي الثلاجه ووجدت بابا مغلق مكتوب عليه "كل نفس ذائقة الموت" و اذا بالباب ينفتح لأري جسده مكفنا في أقمشه بيضاء و مسجي علي طاوله خشبيه كبيره واضعا يمناه علي يسراه وكلتا يديه علي صدره في راحة تامه , و بوجهه البشوش دائما يرقد هناك في سلام و كأنه ينظر الي و شعرت لحظتها أنه يراني و يبتسم ويقول لي" بحبك" كما كان يقولها دائما. ارتميت عليه و قبلت وجهه وجبينه ويديه ورجليه واحتضنت جسده " ولأول مره لا أشعر بيديه وهي تحتضنني" وكانت آخر مره احتضنه في عمري.
ثم غطوا وجهه وحملوه ووضعوه في الصندوق وخرجوا به الي المسجد حيث صلينا عليه صلاة الجمعه ثم الجنازه وأنا أقف بين المصليات وهن لا يعلمن أني زوجة هذا المرحوم اللائي يصلين عليه و لا أدري ان كن رأين دموعي و سمعن نحيبي وقتها أم لا.

الساعه الواحده ظهرا
خرجنا من المسجد وركبت معه ثلاث ساعات أخري من الذكريات طيلة الطريق و أنا بجواره لا أريدها أن تنقضي ولو بقينا هكذا حتي آخر العمر.
الساعه الرابعه عصرا
وصلنا الي البلد و التقفه الرجال ليصلوا عليه صلاه الجنازه مره أخري و التقفنني النسوه بين أحضانهن ولا أدري كم مر من الوقت حتي ذهبنا الي المقابر و رأيته يرتاح فيها أخيرا بعد 34 عاما من الأحلام و الاصرار و العزيمه والشقاء وكذلك من الحب و السعادة.


اذا ذهبت يا حبيبي و يا قرة عيني.......ذهبت يا من ظننت أن الدنيا تصالحني بك....... ذهبت و أخذت قلبي معك لتتركني أعيش في هذه الدنيا بلا قلب..... فلا بأس هو لك منذ دخلته ولن يكون لغيرك ما حييت و هو معك في
أمان.....فلتحفظه كما حفظك تمت....

ملحوظه: هذا مجرد كابوس ولكنه للأسف ما زال مستمرا حتي الآن

هناك تعليقان (2):

Ana يقول...

ما أجملها تدوينة وما أسوأها فى آن واحد .. فهى جميلة لجمال أسلوبك وللصدق المتدفق منها ، وهى بالغة السوء لأنها تنعى أعز الأصدقاء وإنسانا باذخ الجمال رحل عنا فجأة مثل كل جميل ينسحب من بين أيدينا ..
أسلوبك ينم على أنك ستنافسين بقوة فى عالم التدوين لو أكملت الكتابة بإذن الله ..
كما قلت لك من قبل أعكف والأصدقاء على إصدار مجموعته القصصية قريبا وكذلك عقد ندوة لمناقشتها بعد صدورها مع كتيب يحتوى على شهادات أصدقائه بالإضافة إلى موضوع جريدة الدستور كما قلت لك بإذنه تعالى ..
دعواتى الحارة لك بأن يلهمك الله الصبر والسلوان ويتغمد الغالى برحمته الواسعة ويعوضك خيرا فى البنتين .. تحياتى .

gigi يقول...

ان لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم فليرحمك الله وليرحمه وليمنحك الصبر والعزيمه لتكملي انت رسالتكما معا فهذا لااعلم قدر ام اختبار ام منحة من العلي الرحيم اجعلي من الحياة اختي الحبيبه وكأ،ها رحلة سفر لأحدكم وعلي الاخر ان يتحمل الم الفراق وهو لو تعلمين مهما طال قليل وحتما بأذن الرحمن ستلتقيان حيث السعه والجمال والخلود في الفردوس الاعلي بأذن الله ولترعي الغرس وليمنحك الله القوه والصبر وليجزيك جزاء الشهداء والصالحين علي صبرك .لقد ادمت كلماتك الصادقه قلبي ولكني واثقه انك مع ذلك اقوي مني والا بماذا تفسرين اختيار الله لك انت تحديدا لخوض مثل هذا الامتحان الصعب فليكن الله معك وليرعي احبابك ود شريف لم يرحل تماما فلقد ترك لك اجزاء منه ستظل مريم وحبيبه ظلا حبيبا وملاصقا دائما لروحك الرائعه يارب

سلم لى عليه